responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 95
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) لَمَّا بَيَّنَ اسْتِحَالَةَ الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ لَا رَبَّ غَيْرُهُ وَلَا مَعْبُودَ سِوَاهُ. (فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ أَيْ لا تقبل الوعظ ولا ينجع فِيهَا الذِّكْرُ، وَهَذَا رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ. (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) أي مُتَكَبِّرُونَ مُتَعَظِّمُونَ عَنْ قَبُولِ الْحَقِّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْبَقَرَةِ «[1]» " مَعْنَى الِاسْتِكْبَارِ. (لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) أَيْ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ فَيُجَازِيهِمْ. قَالَ الْخَلِيلُ:" لَا جَرَمَ" كَلِمَةُ تَحْقِيقٍ وَلَا تَكُونُ إِلَّا جَوَابًا، يُقَالُ: فَعَلُوا ذَلِكَ، فَيُقَالُ: لَا جَرَمَ سَيَنْدَمُونَ. أَيْ حَقًّا أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا فِي هُودٍ" «[2]» " مُسْتَوْفًى. (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) أَيْ لَا يُثِيبُهُمْ وَلَا يُثْنِي عَلَيْهِمْ. وَعَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ مَرَّ بِمَسَاكِينَ قَدْ قَدَّمُوا كِسَرًا بَيْنَهُمْ [3] وَهُمْ يَأْكُلُونَ فَقَالُوا: الْغِذَاءَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَنَزَلَ وَجَلَسَ مَعَهُمْ وَقَالَ: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: قَدْ أَجَبْتُكُمْ فَأَجِيبُونِي، فَقَامُوا مَعَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَطْعَمَهُمْ وَسَقَاهُمْ وَأَعْطَاهُمْ وَانْصَرَفُوا. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَكُلُّ ذَنْبٍ يُمْكِنُ التَّسَتُّرُ مِنْهُ وَإِخْفَاؤُهُ إِلَّا الْكِبْرَ، فَإِنَّهُ فِسْقٌ يَلْزَمُهُ الْإِعْلَانُ، وَهُوَ أَصْلُ الْعِصْيَانِ كُلِّهِ. وَفِي الْحَدِيثِ الصحيح" إن المتكبرين يُحْشَرُونَ أَمْثَالَ الذَّرِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَطَؤُهُمُ النَّاسُ بِأَقْدَامِهِمْ لِتَكَبُّرِهِمْ". أَوْ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" تُصَغَّرُ لَهُمْ أَجْسَامُهُمْ فِي الْمَحْشَرِ حَتَّى يَضُرَّهُمْ صِغَرُهَا وَتُعَظَّمُ لَهُمْ فِي النَّارِ حتى يضرهم عظمها".

[سورة النحل (16): آية 24]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ) يَعْنِي وَإِذَا قِيلَ لِمَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِمَّنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ وَقُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ بِالْبَعْثِ" مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ". قِيلَ: الْقَائِلُ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ، وَكَانَ خَرَجَ إِلَى الْحِيرَةِ فَاشْتَرَى أَحَادِيثَ (كَلَيْلَةَ وَدِمْنَةَ) فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى قُرَيْشٍ وَيَقُولُ: مَا يَقْرَأُ مُحَمَّدٌ عَلَى أَصْحَابِهِ إِلَّا أَسَاطِيرَ الْأَوَّلِينَ، أي ليس هو من تنزيل

[1] راجع ج 1 ص 296.
[2] راجع ج 9 ص 20.
[3] في ج وى: لهم.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 10  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست